وقوله " وجزاء سيئة سيئة مثلها " وقد بينا فيما مضى معنى ذلك ، وأن معناها: وجزاء سيئة المسيء عقوبته بما أوجبه الله عليه ، فهي وإن كانت عقوبة من الله أوجبها عليه ، فهي مساءة له. فمتاع الحياة الدنيا: أي يتمتع به زمناً ثم يزول ولا يبقى. شرح الكلمات: فما أوتيتم من شيء: أي فما أعطيتم من شيء من متاع الدنيا كالمال والولد والمطعم والمشرب والملبس والمسكن والمنكح والمركب. 40 - The recompense for an injury is an injury equal thereto (in degree): but if a person forgives and makes reconciliation, his reward is due from God: for (God) loveth not those who do wrong. 40 - (وجزاء سيئة سيئة مثلها) سميت الثانية سيئة لمشابهتها للأولى في الصورة وهذا ظاهر فيما يقتص فيه من الجراحات قال بعضهم وإذا قال له أخزاك الله فيجيبه أخزاك الله (فمن عفا) عن ظالمه (وأصلح) الود بينه وبين المعفو عنه (فأجره على الله) أي إن الله يأجره لا محالة (إنه لا يحب الظالمين) أي البادئين بالظلم فيرتب عليهم عقابه. وقال مقاتل والشافعي وأبو حنيفة وسفيان: إن هذا خاص بالمجروح ينتقم من الجارح بالقصاص دون غيره.
أما ما عند الله أي ما أعده الله لأوليائه في الدار الآخرة فهو خير وأبقى ولكن لمن أعده؟ والجواب للذين آمنوا أي بالله وآياته ولقائه ورسوله وبكل ما جاء به والذين على ربهم لا على سواه يتوكلون ثقة في كفايته واعتماداً عليه، والذين يجتنبون أي يتركون كبائر الإثم كالشرك والقتل والظلم وشرب الخمر وأكل الحرام والفواحش كالزنى واللواط. له خير وأبقى مع العلم أن أهل تلك الصفات سوف لا يحرمون من طيبات الحياة الدنيا هم أولى بها من غيرهم إلا أنها ليست شيئا يذكر إلى جانب ما عند الله يوم يلقونه ويعيشون في جواره. قال مجاهد و السدي: هو جواب القبيح إذا قال: أخزاك الله تقول: أخزاك الله، وإذا شتمك فاشتمه بمثلها من غير أن تعتدي. فالأولى جعل من موصولة مبتدأ وقوله إن ذلك خبر ، وإن واسمها واللام. البلاغة: ١ ـ جناس المزاوجة: في قوله «وجزاء سيئة سيئة مثلها» جناس المزاوجة اللفظي فإن السيئة الثانية ليست. المقابلة في هذا النظم أن يقال ليجزي الذين أساءوا بالإساءة حتى. فأتى النظم على مقتضى البلاغة من مجيء تجنيس الازدواج فيه على وجهه من غير تغير إذ.
ثم ذكر العفو فقال: " فمن عفا "، عمن ظلمه، " وأصلح "، بالعفو بينه وبين ظالمه، " فأجره على الله "، قال الحسن: إذا كان يوم القيامة نادى مناد: من كان له على الله أجر فليقم. ٤- عدم مؤاخذة من ظلم فأخذ بحقه بلا زيادة عنه ما لم يكن حداً فإن الحدود يقيمها الإمام. إنه لا يحب الظالمين: أي لا يحب البادئين بالظلم، ومن لم يحبه الله أذن في عقوبته. ثم قال جل وعلا: "ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل" أي ليس عليهم جناح في الانتصار ممن ظلمهم. وقوله تعالى ﴿إنَّهُ لا يُحِبُّ ٱلظّالِمِينَ﴾ تعليل لعظم الأجر لمن عفا أي كونه تعالى لا يحب الظالمين ضاعف الأجر وأجزل المثوبة للمظلوم إذا عفا وأصلح. ٣- مشروعية القصاص وعقوبة الظالم. وجزاء سيئة سيئة مثلها: أي جزاء سيئة المسيء عقوبته بما أوجبه الله عليه. في إسناد فعل الإساءة إليه أو الآية التي نحن بصددها فقد أمن فيها ذلك المحذور. حدثنا محمد ، قال: ثنا احمد ، قال: ثنا أسباط ، عن السدي في قوله: " وجزاء سيئة سيئة مثلها " قال: إذا شتمك بشتيمة فاشتمه مثلها من غير أن تعتدي. قال سفيان بن عيينة: قلت لسفيان الثوري ما قوله عز وجل: " وجزاء سيئة سيئة مثلها "؟ قال: أن يشتمك رجل فتشتمه، وأن يفعل بك فتفعل به، فلم أجد عنده شيئاً، فسألت هشام بن حجيرة عن هذه الآية؟ فقال: الجارح إذا جرح يقتص منه، وليس هو أن يشتمك فتشتمه. وقوله: " فمن عفا وأصلح فأجره على الله " يقول جل ثناؤه: فمن عفا عمن أساء إليه إساءته إليه ، فغفرها له ، ولم يعاقبه بها ، وهو على عقوبته عليه قادر ابتغاء وجه الله ، فأجر عفوه ذلك على الله ، والله مثيبه على ثوابه " إنه لا يحب الظالمين " يقول: إن الله لا يحب أهل الظلم الذين يتعدون على الناس فيسيئون إليهم بغير ما أذن الله لهم فيه. المزحلقة ومن عزم الأمور خبر. فعلى قول ابن زيد هذا تأويل الكلام: وجزاء سيئة من المشركين إليكم ، سيئة مثلها منكم إليهم ، إن عفوتم وأصلحتم في العفو ، فأجركم في عفوكم عنهم إلى الله ، إنه لا يحب الكافرين. قال مقاتل: فكان العفو من الأعمال الصالحة، وقد بينا هذا في سورة آل عمران.
في قوله «يجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى» فإن صحة. وجزاء سيئة سيئة مثلها ": [سمى الجزاء سيئة] وإن لم تكن سيئة لتشابههما في الصورة. قرأ بتحقيق الهمزة وصلاً ، ووقف بتخفيف الهمزة باثني عشر وجها: خمسة القياس: - إبدال الهمزة ألفاً، مع القصر والتوسط والمد. But whosoever pardoneth and amendeth, his wage is the affair of Allah. والذين إذا أصابهم البغي أي إذا بغي عليهم البغاة الظلمة من الكافرين ينتصرون لأنفسهم إعذاراً لها وإكراماً لأنها أنفس الله وليها فالعزة واجبة لها. ذكر من قال ذلك: حدثني يعقوب, قال: قال لي أبو بشر: سمعت. والذين مما رزقهم الله من مال وعلم وجاه وصحة وبدن ينفقون شكراً لله على ما رزقهم واستزاده للثواب يوم الحساب. إنه لا يحب الظالمين " المبتدئين بالسيئة والمتجاوزين في الانتقام. وقوله تعالى: ﴿وجَزَآءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُها﴾ هذا هو الحكم الشرعي جزاء المسيء العقوبة بما أوجب الله تعالى له في كتابه أو على لسان رسوله ﷺ. 40-" وجزاء سيئة سيئة مثلها " وسمى الثانية " سيئة " للازدواج ، أو لأنها تسوء من تنزل به. " إن الله لا يحب الظالمين الذين يبدؤون بالعدوان على الناس، ويسيئون إليهم. وما عند الله خير وأبقى: أي وما عند الله من ثواب الآخرة فهو خير في نوعه وأبقى في مدته. التسهيل بالروم، مع المد والقصر. معنى الآيات: قوله تعالى: ﴿فَمَآ أُوتِيتُمْ مِّن شَيْءٍ فَمَتاعُ ٱلْحَياةِ ٱلدُّنْيا﴾ هذا شروع في بيان صفات الكمال في المسلم التي يستوجب بها نعيم الآخرة ضمن التعريض بزينة الحياة الدنيا الفانية فقال تعالى ﴿فَمَآ أُوتِيتُمْ﴾ أيها الناس من مؤمن وكافر من شيء في هذه الحياة الدنيا من لذيذ الطعام والشراب وجميل اللباس، وفاخر المساكن وأجمل المناكح وأفره المراكب كل ذلك متاع الحياة الدنيا يزول ويفنى.
بقوله «ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى» لكن منع من ذلك التزام الأدب مع الله سبحانه. لمشاهدة الصورة بحجمها الأصلي اضغط هنا. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي, حدثنا عمران بن موسى الطرسوسي, حدثنا مصمد بن يزيد خادم الفضيل بن عياض قال: سمعت الفضيل بن عياض يقول: إذا أتاك رجل يشكو إليك رجلاً, فقل: ياأخي اعف عنه فإن العفو أقرب للتقوى, فإن قال: لا يحتمل قلبي العفو, ولكن أنتصر كما أمرني الله عز وجل, فقل له: إن كنت تحسن أن تنتصر وإلا فارجع إلى باب العفو, فإنه باب واسع, فإنه من عفا وأصلح فأجره على الله, وصاحب العفو ينام على فراشه بالليل, وصاحب الانتصار يقلب الأمور. أي وجزاء سيئة المسيء عقوبته بسيئة مثلها من غير زيادة, فمن عفا عن المسيء, وترك عقابه, وأصلح الود بينه وبين المعفو عنه ابتغاء وجه الله، فأجر عفوه ذلك على الله. لا ضرورة تدعو إلى تغييره.
وقوله: ﴿ولَمَنِ ٱنتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَٰئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِّن سَبِيلٍ﴾ أي وللذي ظلم فانتصر لنفسه وردَّ الظلم عنها فهؤلاء لا سبيل لكم إلى أذيتهم وعقوبتهم. فمن عفا وأصلح فأجره على الله: أي فمن عفا عمن أساء إليه وأصلح ما بينه وبينه فأجره على الله ثابت له. وهذا على قوله كقول الله عز وجل " فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله " [ البقرة: 194] وللذي قال من ذلك وجه. عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين». والذين إذا غضبوا يتجاوزون عمن أغضبهم ويغفرون له زلته أو إساءته إليهم والذين استجابوا لربهم عندما ناداهم ودعاهم لكل ما طلبه منهم، والذين أقاموا الصلاة فأدوها على وجهها المطلوب لها من خشوع مراعين شرائطها وأركانها وواجباتها وسننها وآدابها، والذين أمرهم شورى بينهم أي أمرهم الذي يهمهم في حياتهم أفراداً وجماعات وأمما وشعوباً يجتمعون عليه ويتشاورون فيه ويأخذون بما يلهمهم ربهم بوجه الصواب فيه.
٢- بيان أكمل الشخصيات الإسلامية وهي الشخصية التي تتصف بالصفات العشر التي تضمنتها الآيات الأربع ذات الرقم، [٣٦- ٣٧- ٣٨- ٣٩]. ٢ ـ التهذيب: وفي هذه الآية فن التهذيب أيضا فإنها سلمت من المحذور الذي يقتضي تهذيبها ، وتفصيل. فأجره على الله " عدة مبهمة تدل على عظم الموعود. " وقوله: ( فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ) يقول جل ثناؤه: فمن عفا عمن أساء إليه إساءته إليه, فغفرها له, ولم يعاقبه بها, وهو على عقوبته عليها قادر ابتغاء وجه الله, فأجر عفوه ذلك على الله, والله مثيبه عليه ثوابه.
فمن عفا وأصلح " بينه وبين عدوه. " ابن أبي نجيح يقول في قوله: ( وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا) قال: يقول أخزاه الله, فيقول: أخزاه الله. وقوله عز وجل: "إنما السبيل" أي إنما الحرج والعنت "على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق" أي يبدءون الناس بالظلم, كما جاء في الحديث الصحيح "المستبان ما قالا فعلى البادىء ما لم يعتد المظلوم" "أولئك لهم عذاب أليم" أي شديد موجع. السيئة ينبغي أن تقابل بالعفو والصفح عنها فإن عدل عن ذلك إلى الجزاء كان ذلك سيئة. والسابع: روم حركتها مع القصر. إنه لا يحب الظالمين "، قال ابن عباس: الذين يبدؤون بالظلم.