المقيم: أمن أجل كرهك للكعاك ترفض اقتراحه المفيد؟. المقيم: ولكن هذا الغيث سيعطل ركناً هاماً من أركان سياستنا العليا، ألا وهو إجاعة هؤلاء البدو لاستئصال شأفتهم حتى ينقرضوا كما انقرضت الزواحف في عصور ما قبل التاريخ! كيف غاب عني أن الإسلام قد جعل لكل شدة فرجاً ومن كل ضيق مخرجاً؟!. الكاتب: كلا يا صاحب الفخامة ولكني سألت أحد المشايخ الفقهاء عن هذه الصلاة، فأكد لي أنها ستسبب نزول الغيث حقاً وزوال القحط والمجاعة.. وهذا مما يهدد مصلحة فرنسا ويتعارض مع سياستها العليا. الاثنان: اللهم حوالينا لا علينا! الكعاك: كنت على ثقة بأنك غير مسلم، وغير متوضئ، فلا يمكن أن يستجيب الله دعاءك. الكاتب: أمسك لسانك عني يا لكع، وإلا... المقيم: لا شجار عندي ولا خصام. حوالينا ولا علينا دعاء. ولا أدري كيف لم أفطن إلى هذه الحقيقة من قبل.. إذن لأمرت بتنحية هذه المناظر المؤلمة في وقت الصلاة. جموع الأهالي: اللهم علينا لا حوالينا!!.. لسان الوفد: بل جئنا يا صاحب الفخامة لنساعد على الحيلولة دون وقوع هذا المحذور. دعاء اللهم حوالينا ولا علينا عند شدة المطر الشيخ عثمان الخميس عثمان الخميس فتاوى العلماء Shorts. الكعاك: أنت يا صاحب الفخامة، وهذه البهائم التي تراها في هذا الخلاء! الكاتب: هل تسمع يا صاحب الفخامة ما يقول؟. فماذا يكون حالهم معنا لو أننا اعترفنا لهم بحق التداخل في شئون بلاد المغرب!
ولكن إياك أن تظن أن مجرد اطلاعك عليه سيجعلك مثلي في القدرة على تطبيقه. الكاتب (مثله): اللهم علينا ولا حوالينا! الكعاك: قوم لا غبار عليهم ولا يشك في إخلاصهم وولائهم للحكومة. المقيم: قد كان عليك أن تحتاط حتى لا يقع مثل هذا المحذور. اللهم حوالينا ولا علينا على الآكام. الكعاك: إنهم لا يريدون قطع المطر عنهم.. ودعاؤنا هو الذي أغضبهم، فإن أذنت لي يا صاحب الفخامة دعوت مثل دعائهم فربما تهدأ ثائرتهم! الكعاك: هل تعفو عني إذا انقطع الساعة هذا المطر؟.
الكاتب: لا فائدة من محاولة إيقافهم... إنهم ينوون بنا الشر. تتهاوى الحجارة على الشبابيك فينسحب الثلاثة إلى الداخل). كيف أثار علينا هؤلاء الغوغاء؟.. الجموع: أهلك فرنسا يا رب! من المسرح السياسي ( 10). الكاتب: أبعد أن شرب الوادي وقضي الأمر؟.. المقيم: لا بأس... سنعفو عنه إذا أوقف المطر الساعة.
قوم لا تزال القوات الإنجليزية تحتل بلادهم، وهم مع ذلك يريدون أن يستعمروا الآخرين!.. وإذا الرذاذ يتساقط فيهرع المقيم والكاتب العام والكعاك إلى المبنى الصغير. المقيم: ما تقول في هذا يا مسيو كعاك؟. لسان الوفد: إنكم لشديدو الحرص على الإسلام! الكاتب: بل يستحيل تنفيذه يا صاحب الفخامة. المقيم: لقد بذلت جهداً كبيراً في تعلمها، كما لا أنسى فضل المشايخ الفقهاء الذين تولوا تعليمي وتلقيني. وسنظل نحميه إلى الأبد. المقيم: لعنة الله عليك يا كعاك لقد أضعت هيبتنا عند هؤلاء الغوغاء! الصوت: هذه فرنسا قد سلطت عليكم مجاعة الأرض وتريد أن تمنعكم من رحمة السماء فالعنوها، وادعوا عليها في هذه الساعة المستجاب فيها الدعاء!.. صوت "يرتفع من أعماق الوادي": أيها الناس!.. المقيم: إنهم يرجموننا بالحجارة.
كلا والله لا نمكنهم من القضاء على الإسلام في بلاد المغرب. الكعاك: أجل هكذا، دعونا الآن نأمر الناس أن يرددوا معنا هذا الدعاء. الكاتب: لعنة الله على هؤلاء السحرة!.. حمق وجهل واستهتار بحقوق الأمم ومواثيق الدول! المقيم: وهل كنت أستقبلكم لولا ثقتي بولائكم لفرنسا، وحسن إدراككم لمصلحتكم ومصلحة بلادكم الحقيقية؟ ولكن هذا التظاهر منكم سيدفع الناس إلى القيل والقال، وقد يجرئهم على الشكوى والشغب. الكاتب: ماذا تنتظر من الكعاك أن يقول عن هؤلاء الأغبياء إلا خيراً؟ إن ترد نصيحتي فحذار أن تثق بتونسي أبداً. لقد شاع في الناس أنكم سترفضون المعونة المالية التي قررتها الجامعة العربية لإغاثة المنكوبين بالمجاعة في هذه البلاد، فرأينا أن الجدير بحسن سياستكم أن تصدروا بياناً لتكذيب هذه الإشاعة. المقيم: ويلك يا كعاك.. لقد نزل الغيث حقاً! المقيم: لكن هذه ليست إشاعة لقد قررنا فعلاً أن نرفض تلك المعونة كما رفضنا مثلها في العام الماضي. الكعاك: ما هذا بعجيب يا صاحب الفخامة، وإنما العجب هو تمكنك من حذق صلاة الاستسقاء في مثل هذه المدة الوجيزة، وأنت فرنسي بعيد عن هذه الشعائر الإسلامية!
فمن ذا يستطيع أن يحرس الوادي الواسع ويمنع البدو من الرعي في أطرافه؟ إنني أتهم الكعاك بخيانة فرنسا وأطالب بعزله من الوزارة! المقيم: كيف؟.. الكاتب: قد قلت لك إنهم سحرة!.. الكاتب: لقد أظهر الناس مثل هذا السخط في العام الماضي ثم سكتوا. الكعاك: إني أراهن على أن سعادة الكاتب العام لو حاول أن يتعلم صلاة الاستسقاء لاحتاج في ذلك إلى أعوام عديدة! الكعاك: أخشى إن قلت رأيي أن أزعج سعادة الكاتب العام! الكعاك: مقاومة القومية العربية بالتظاهر بمناصرة الإسلام! المقيم: إن المطر يشتد يا كعاك، وإن جرمك ليتعاظم معه.