فقال بعضهم: إن هذه الآية, نازلة قبل, تحريم ما زاد, على ما ذكر فيها. الموضع, ليس المراد منها الترتيب الزماني, فإن زمن موسى عليه السلام, متقدم على. ومنهم من يتساوى لديه الداعيان, ويتعارض عنده الجاذبان. تفسير سوره الانعام محمد راتب النابلسي. ومن ذلك, أن العباد, إذا كثر ظلمهم وفسادهم, ومنعهم الحقوق الواجبة, ولى عليهم ظلمة, يسومونهم سوء العذاب, ويأخذون منهم, بالظلم والجور, أضعاف ما منعوا من حقوق الله, وحقوق عباده, على وجه غير مأجورين فيه, ولا محتسبين. ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ " يوم القيامة " فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ " من خير وشر, ويجازيكم على ذلك, أوفى الجزاء. " واختلف العلماء رحمهم الله في هذا الحصر المذكور, في هذه الآية, مع أن ثم محرمات لم تذكر فيها, كالسباع, وكل ذي مخلب من الطير ونحو ذلك. ومفهوم هذا اللفظ, أن الدم الذي يبقى في اللحم والعروق بعد الذبح, أنه حلال طاهر. "
تفسير سورة الانعام للشيخ مصطفي العدوى
ومنها: أن المحتجين على المعاصي بالقضاء والقدر, يتناقضون في ذلك. وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ " ليأمر العباد وينهاهم, ويثيبهم ويعاقبهم. " فلا ينافي هذا الحصر المذكور فيها, التحريم المتأخر بعد ذلك, لأنه لم يجده فيما أوحى إليه في ذلك الوقت. تفسير سورة الانعام السعدي. إن الشعور بهذه الحقيقة على هذا النحو ليسكب في قلب المؤمن الطمأنينة إلى ربه - حتى وهو يمر بفترات الابتلاء بالضراء, التي تزيغ فيها القلوب والأبصار - فهو يستيقن أن الرحمة وراء كل لمحة, وكل حالة, وكل وضع; وأن ربه لا يعرضه للابتلاء لأنه تخلى عنه, أو طرده من رحمته. وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون ".
أما والله لو علموا حلم الله عليهم, وعفوه ورحمته بهم, وهم يبارزونه بالشرك والكفران, ويتجرأون على عظمته بالإفك والبهتان, وهو يعافيهم ويرزقهم لاتجذبت, دواعيهم إلى معرفته, وذهلت عقولهم في حبه. فاتخاذ غير الله وليا - بأي معنى - هو الشرك. وبلاد اليمن كلها في الجنوب خاضعة للفرس يحكمها أمراء من العرب من قبل الفرس.. وليس في أيدي العرب إلا الحجاز ونجد وما إليهما من الصحاري القاحلة ، التي تتناثر فيها الواحات الخصبة هنا وهناك! وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ " ما به يثبت فؤادك, ويطمئن به قلبك. " فإنه بحسب قيام الأدلة, يحصل له الإيقان, والعلم التام, بحميع المطالب. " أي: لا شك عندهم فيه, بوجه, كما أنهم لا يشتبهون بأولادهم, خصوصا البنين الملازمين في الغالب لآبائهم. سورة الأنعام تفسير السعدي الآية 148. لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ ". وجعل الله لهم مستقرا, أي منتهى ينتهون إليه, وغاية يساقون إليها وهي دار القرار, التي لا مستقر وراءها, ولا نهاية فوقها. لهؤلاء المشركين الذين يدعون مع الله آلهة أخرى. " إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ " بالإهلاك " وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ مَا يَشَاءُ كَمَا أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ ". ثم لا يزال تعالى هكذا, يتصرف فيهم, حتى يستوفوا آجالهم. ولكنه استماع خال من قصد الحق واتباعه, ولهذا لا ينتفعون بذلك الاستماع, لعدم إرادتهم للخير. "
وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا " أي: نسائنا, هذا إذا ولد حيا. منتهم على الله, في جعلهم له نصيبا, مع اعتقادهم أن ذلك منهم, تبرع. أَنْشَأَ جَنَّاتٍ " أي: بساتين, فيها أنواع الأشجار المتنوعة, والنباتات المختلفة. " وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا " أي: وأنزلناه أيضا, لتنذر أم القرى, وهي: مكة المكرمة, ومن حولها, من ديار العرب بل, ومن سائر البلدان. لهؤلاء المشركين بالله: ". والنور العام, الذي يتصرف به الخلق, في مصالحهم, ومعايشهم, ومنافع دينهم ودنياهم. تفسير سورة الانعام للشيخ مصطفي العدوى. الجميع " لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ". " أهواءهم, واستمروا على شركهم: " يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى. فكلوا مما ذكر اسم الله عليه إن كنتم بآياته مؤمنين ". وهذا الكلام الذي صدر منهم, لم يكن قصدهم فيه, الرشاد. ذَلِكَ " التقدير المذكور " تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ " الذي - من عزته - انقادت له هذه المخلوقات العظيمة, فجرت مذللة مسخرة بأمره, بحيث لا تتعدى ما حده الله لها, ولا تتقدم عنه ولا تتأخر. " وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين ". "
تفسير سوره الانعام محمد راتب النابلسي
فطلبكم مني الآيات, ظلم, وطلب لما لا أملك, وإنما توجهون إلى توضيح ما جئتكم به, وتصديقه, وقد حصل. والحكمة في هذا, ظاهرة, فإنه إنما كان الإيمان ينفع, إذا كان إيمانا بالغيب, وكان اختيارا من العبد. فإذا كان يوم القيامة أكملها الله تعالى بهذه الرحمة ".. وهذا التمثيل النبوي الموحي, يقرب للإدراك البشري تصور رحمة الله تعالى.. ذلك إذ ينظر إلى رحمة الأمهات بأطفالها في الخلائق الحية ويتملاها ويعجب لها, وإلى رحمة القلوب البشرية بالطفولة والشيخوخة, والضعف والمرض; وبالأقرباء والأوداء والأصحاب; وبرحمة الطير والوحش بعضها على بعض - ومنها ما يدعو إلى الدهش والعجب - ثم يرى أن هذا كله من فيض رحمة واحدة من رحمات الله سبحانه. تفسير سورة الأنعام - ٣٢. ومنها: أن الله تعالى, أعطى كل مخلوق, قدرة, وإرادة, يتمكن بها, من فعل ما كلف به. فليحذر العبد من أمثال هؤلاء, وعلامتهم - كما وصفهم الله لعباده - أن دعوتهم, غير مبنية على برهان, ولا لهم حجة شرعية.
فهي من جهة الحمل والركوب, تنقسم إلى هذين القسمين. ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته إنه لا يفلح الظالمون ". أي: وإذا جاءك المؤمنون, فحيهم, ورحب بهم ولقهم منك تحية وسلاما, وبشرهم بما ينشظ عزائمهم وهممهم, من رحمة الله, وسعة جوده وإحسانه, وحثهم على كل سبب وطريق, يوصل لذلك. وهو - تعالى - يعلم ما جرحوا وما كسبوا من تلك الأعمال.
ومع هذا, فإن كان قصدهم, الآيات التي تبين لهم الحق, وتوضح السبيل. لديهم على ضده, ذكر أن أهل الكتاب من اليهود والنصارى. " فلا أصدق من أخبار الله التي أودعها هذا الكتاب العزيز, ولا أعدل من أوامره ونواهيه و " لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ " حيث حفظها وأحكمها بأعلى أنواع الصدق, وبغاية الحق. وَلَا عَادٍ " أي: متجاوز للحد, بأن يأكل زيادة عن حاجته. " وكثير منها طوى علمه عن الملائكة المقربين, والأنبياء المرسلين, فضلا عن غيرهم من العالمين. مِنْ قَبْلِكَ " من الأمم السالفين, والقرون المتقدمين, فكذبوا رسلنا, وجحدوا بآياتنا. " وفي هذه الآية, دليل على أن الكتاب الأول, قد حوى جميع الكائنات. يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ " كما يخرج من المني حيوانا, ومن البيضة فرخا, ومن الحب والنوى, زرعا وشجرا. "
تفسير سورة الانعام السعدي
وإن لم يكن صادقا في طلب الحق, كانت هذه, عقبة ترده عن اتباع الحق. يشاركهم فيها النساء. " يقول ويعلن, بما هو عليه من الهداية إلى الصراط المستقيم: الدين المعتدل المتضمن. فإن الميل, على من تكره بالكلام فيه, أو في مقالته, من الظلم المحرم. وكل تدبير وحكم للمخلوق فإنه مشتمل على النقص, والعيب, والجور.
فردوا كرامة ربهم, ولم يكتفوا بذلك, بل وصفوها بأنها حرام, وهي من أحل الحلال. وهو الله في السماوات وفي الأرض يعلم سركم وجهركم ويعلم ما تكسبون ". أي وأقسم المشركون المكذبون للرسول محمد صلى الله عليه وسلم. " تفسير قوله تعالى وكذب به قومك وهو الحق قل لست عليكم بوكيل. فطلبهم - بعد ذلك - للآيات, من باب التعنت, الذي لا يلزم إجابته. جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ ". فأما في حياة البشر خاصة فلا نملك أن نتابعها في كل مواضعها ومظاهرها; ولكننا نذكر منها لمحات في مجاليها الكبيرة: إنها تتجلى ابتداء في وجود البشر ذاته. تفسير قوله تعالى وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة. فلا بد أولا أن يقوم المجتمع المسلم الذي يقر عقيدة أن لا إله إلا الله ، وأن الحاكمية ليست إلا لله; ويرفض أن يقر بالحاكمية لأحد من دون الله; ويرفض شرعية أي وضع لا يقوم على هذه القاعدة.. ومن لم يذد عن حوضه بسلاحه يهدم ، ومن لا يظلم الناس يظلمويعبر عنه القول المتعارف: "انصر أخاك ظالما أو مظلوما ". ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ " أي المألوه.
هذا إخبار من الله لرسوله عن شدة عناد. وهو الذي خلق السماوات والأرض بالحق ويوم يقول كن فيكون قوله الحق وله الملك يوم ينفخ في الصور عالم الغيب والشهادة وهو الحكيم الخبير ". إن هذه اللفتة: (قل سيروا في الأرض ثم انظروا كيف كان عاقبة المكذبين). فإن العناية بإبلاغهم هذه الحقيقة هي تفضل آخر, لا يقل عن ذلك التفضل الأول! فهذا حفظه لهم في حال الحياة. " وصار ذلك عقيدة في قلوبهم, وصفة راسخة ملازمة لهم. ومخافة العذاب الرعيب الذي يترقب العصاة.. واليقين بأن الضار والنافع هو الله. فإنه لو أراد نفي الرؤية, لقال " لا تراه الأبصار " ونحو ذلك. ومن أنواع سفاهتهم أن الأنعام التي أحلها الله لهم عموما, وجعلها رزقا. فالله - سبحانه وتعالى - هو أكبر شهادة.. هو الذي يقص الحق وهو خير الفاصلين.. هو الذي لا شهادة بعد شهادته, ولا قول بعد قوله. قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض انظر كيف نصرف الآيات لعلهم يفقهون ".
أي: لا تحيط به الأبصار, وإن كانت تراه في الآخرة, وتفرح بالنظر إلى وجهه الكريم. الذي يتقلب الإنسان في بحبوحة منه في كل لحظة من لحظات حياته. فيقول موبخا للجن, الذين أضلوا الإنس, وزينوا لهم الشر, وآزوهم إلى المعاصي: " يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ " أي: من إضلالهم, وصدهم عن سبيل الله. يقول تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم أن يخاطب المقترحين عليه الآيات. ومن أدلة توحيده, أنه تعالى, المنفرد بكشف الضراء, وجلب الخير والسراء. " قال تعالى " يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ". " يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى " والصعود إلى أعلى عليين. وفيها ما تشتهيه الأنفس, وتلذ الأعين, من نعيم القلوب والأرواح, وكثرة السرور والأفراح.
وكانوا قد وعدوا على إقامة هذا الدين وعدا واحدا ، لا يدخل فيه الغلب والسلطان.. ولا حتى لهذا الدين على أيديهم.. وعدا واحدا لا يتعلق بشيء في هذه الدنيا.. وعدا واحدا هو الجنة.. هذا كل ما وعدوه على الجهاد المضني ، والابتلاء الشاق ، والمضي في الدعوة ، ومواجهة الجاهلية بالأمر الذي يكرهه أصحاب السلطان ، في كل زمان وفي كل مكان ، وهو: "لا إله إلا الله "! من فقر, أو مرض, أو عسر, أو غم, أو هم أو نحوه. " يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ " الخارقة للعادة, التي يعلم بها أن الساعة قد دنت, وأن القيامة قد اقتربت. " أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده قل لا أسألكم عليه أجرا إن هو إلا ذكرى للعالمين ". وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى " بل كل عليه وزر نفسه. ويلزم من ذلك, أن يكون نعيمها: في غاية الكمال, ونهاية التمام. أي: المكذبون بالرسول, تعنتا وعنادا: " لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ ". مراعيا لأعمالهم مأخوذا بإجرامهم وكذلك قوله " وَمَا أَنْتَ. كما أنه يمهد بتقرير هذه الملكية الخالصة لما سيلي في هذه الفقرة من ولاية لله وحده, بما أنه هو المالك المتفرد بملكية كل شيء. وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ " بأن ننقاد لتوحيده, ونستسلم لأوامره ونواهيه, وندخل تحت عبوديته.